.
نصب ثان غير نصب السحر هو باب ثالث يوقع المس من الشيطان
هو باب ثالث من حيث أنواع مسببات المس من الشيطان. فقد تطرقت على مستوى المقالات السابقة إلى المس الغادر من الشيطان الذي يوقعه نصب السحر، والمس من الشيطان بالإقران الذي يوقعه الثبات على الكفر الخالص الذي يستحق صاحبه يقينا ولوج جنهم. وفي هذا المقال سأعرف بنوع ثالث يقع كذلك غدرا في رحاب الكفر النسبي. وسأترك القارئ يتشوق في التالي إلى معرفته ومعرفة مسببه.
ــــــــــ 1 ــــــــــ
تذكير بالشائع المعلوم المعتقد به ضدا في المعلوم الحق الثابت
- 1 -
من الشائع المعلوم
*ــــــ خوف الناس من الجن؛
*ــــــ وخوف هو قد قومت كينونته المعتقدات "الدينية" المندسة في العقول والتي مفادها بإيجاز أن الجن لهم القدرة على التجسد في عالمنا الإنسي والظهور بأشكالهم المخيفة المرعبة والبطش بالإنسان والإضرار به.
بينما الحقيقة تظل تقول
أن عالمنا منفصل عن عالمهم بحجاب منيع لا يسمح لهم بمس شيء من موجوداته ولا يسمح لهم إلا برؤيتها وسماع ما فيه من أصوات وشم ما فيه من روائح والتجوال فيه كيفما يشاءون والتواجد من حول الإنسان ليتصد الشياطين منهم فرصة النزغ في عقله ونفسه.
- 2 -
ومن الشائع المعلوم
أن الجن يتواجدون في ساحات المقابر، وفي الخلاء، وفي الدور المهجورة وفي المغارات، وفي المراحيض، وفي الحمامات العمومية وخاصة لما يقل فيها الناس أو لما تكون خالية، وفي الوديان، وفي المجاري وقنوات الواد الحار وقربهما، وفي مواضع القمامات، وفي كل الأماكن القذرة، وفي كل الأماكن المظلمة، وفي كل مكان يطفأ فيه النور، وفي كل مكان مخيف عموما.
بينما الحقيقة تظل تقول
أن الجن الشياطين هم موجودون دوما من حول الإنسان ليلا ونهارا، ويمكنهم أن يتواجدوا أينما يشاءون، وموجودون في كل مكان يبتغونه وليس من طبعهم حب الأماكن القذرة والمهجورة، ومن المفترض أنهم يعمرون الأماكن التي يعمرها الناس وليس تلك الأماكن المهجورة أو القذرة أو المخيفة.
- 3 -
ومن الشائع بحضرة هذه المعتقدات:
*ــــــ أن يذكر الناس تعويذات يرونها ترقيهم من الوقوع فيما يتخوفون منه صادرا من عند الجن؛
*ــــــ وأهل القرآن مثلا يذكرون البسملة والتعويذة ويكررون ذكرهما عدة مرات من أجل إتقاء بطش الشياطين الجن كرد فعل عند التواجد في تلك الأماكن المخيفة أو عند المرور بالقرب منها.
بينما الحقيقة تظل تقول
أن التعويذات من هذا القبيل لا جدوى منها مادام المتخوف منه هو أصلا لا يوجد.
- 4 -
ومعلوم ضمن ما يحكى من الوقائع
أن كثيرا من الناس أصيبوا بالمس من الشيطان لما تواجدوا أو عبروا أو مروا بقرب مكان من تلك الأماكن المخيفة. وأنا شخصيا عايشت حالة مس من هذا القبيل، وأحكي قصتها في التالي تمهيدا لتفسير المسبب الأصلي للحالة خلافا للمعتقد الشائع:
هي فتاة من أقاربي عمرها كان 28 سنة، زارت نهارا زوجة أخيها في منزلهما الشائع عنه أن الجن يظهرون فيه لها، فدخلته إذا وهي بهذا المعتقد الذي هو خالق لديها يقينا شيئا من الخوف. واحتاجت أن تدخل الحمام فدخلته فزاد خوفها تباعا وبطبيعة الحال بحكم الشائع عموما وبحكم المضاف إليه المتمثل في الشائع إياه بشأن منزل أخيها. وعلى حين غرة وجدت نفسها في الخلاء ورأت شخصا يدبح عنزة ورأت الدماء منتشرة في كل مكان وبلغت بذلك منتهى الرعب. وبطبيعة الحال وكما هو بين، كل ذلك الذي رأته هو وهم خيل إليها أنه واقع؛ لكنه وهم بتفاصيل لا يمكنها أن تكون من نتاج مخيلتها الذاتية وإنما هي تفاصيل غريبة دخيلة تثبت بالنفاذ أنها قد وقعت في المس من الشيطان ومن قبل أن تشهد المشهد إياه الغريب الذي لربما دوره أن يثبت الحالة.
ــــــــــ 2 ــــــــــ
تساؤلات يطرحها منطق العقل تباعا وتحمل أجوبتها البينة
1*ــــــ من هو صانع الخوف من الجن الشائع بين الناس ؟؟؟
*ــــــ ما هي غايته بدس هذا الخوف في عقول الناس ؟؟؟
2*ــــــ من هو صانع المعتقدات إياها التي يقول فيها أن الجن يتواجدون في تلك الأماكن المخيفة بطبيعتها أصلا ؟؟؟
*ــــــ ما هي غايته بدس هذا الخوف الآخر منهم والمرتبطة كينونته بالتواجد في هذه الأماكن المخيفة أو بالتواجد بالقرب منها ؟؟؟
3*ــــــ ألا يوجد رابط غاية بين الخوف الأول الشائع عموما بين الناس وبين هذا الخوف الثاني المنصوب وقوعه في الأماكن إياها المخيفة بطبيعتها ؟؟؟
فكل من يتدبر صنائع الفاعل المجهول:
1*ــــــ يجد غايته بالفصيلة الأولى منها أن يدس الخوف من الجن عموما في عقول كل الناس؛
2*ــــــ ويجد غايته بالفصيلة الثانية أن يعظم هذا الخوف ويرقى به إلى أعلى حد ممكن؛
3*ــــــ ويجده تباعا ينصب غاية معينة.
يجده إذا بالفصيلة الأولى من المعتقدات إياها يؤهل عموما كل الناس تأهيلا أوليا للوقوع في غايته هذه المنصوبة. ويجده بالفصيلة الثانية من المعتقدات ينصب لهم الظرف الواعد بالرقي بحجم هذا التأهيل إلى أعلى حد ممكن.
يجده بالفصيلة الثانية يبتغي أن يصير الخوف إياه رعبا.
ــــــــــ 3 ــــــــــ
فإذا هو إبليس الصانع، وغايته المنصوبة هي الوقوع في المس منه ومن جنوده الشياطين الجن.
فساطعة هي:
1*ــــــ حقيقة أن المرء في تلك الأماكن يعايش الرعب في درجاته العليا متخيلا تفاصيل ما يتخوف منه عادة ومنها تفاصيل هيئة الشيطان المرعبة؛
2*ــــــ وحقيقة أنه بمخيلته المفتوح بابها على مصراعيه يفتح الباب واسعا لكل شيطان موجود في جواره:
1*ـــ ليتدخل نازغا وليصقل هذه التفاصيل ويصقل قوة ثباتها في مقدمة ذاكرته؛
2*ـــ وليتحكم تباعا في كل زمام عقله ونفسه وكيانه؛
3*ـــ ولتصير الحالة تباعا حالة مس منه ظرفي مرهونة سيرورتها ببقاء هذا الباب مفتوحا؛
3*ــــــ وحقيقة أنه كذلك بمجموع تخيلاته المبنية كلها على الكفر بما أخبر به الله في الكتب المنزلة علاقة بحدود سلطان الشياطين الجن يكون قد بلغ مقام الذي يعشو عن ذكر الرحمان ويكون تباعا قد بلغ إستحقاق الوقوع الذاتي في المس من الشيطان حيث هو به يصير وكأنه مقرن به؛
4*ــــــ وحقيقة أن كل تفاصيل الرعب الذي عاشه وتفاصيل ما تخيله حينه:
1*ـــ توثق في مقدمة ذاكرته؛
2*ـــ ويظل يستحضرها تباعا في معظم أوقات يقظته مادامت الواقعة هي واقعة رعب عظيم؛
5*ــــــ وحقيقة أن تذكر شيء من تفاصيل الحدث بهذه الوتيرة:
1*ـــ يجعل الباب للشيطان المعني شبه مفتوح باسترسال ليدخل من خلاله جسده وليظل فيه متى شاء من الزمن؛
2*ـــ ويمدد تباعا عمر حالة المس منه؛
6*ــــــ وحقيقة أن الشيطان المعني يصبح كذلك بإمكانه تفعيل فتح هذا الباب متى شاء عبر النزغ الذي من خلاله يمكنه أن يفعل به تذكر حدث الرعب كله.
ولذلك سميت النصب الذي يوقع هذا المس "نصب الرعب"،
وسميت الحالة هذه حالة "غدر المس من الشيطان بنصب الرعب".
ــــــــــ 4 ــــــــــ
مقام الحالة في ميزان العقاب الرباني الحق
كما أن الإقران بشيطان يقع إستحقاقا بسبب الثبات على الكفر والعصيان الكثيف في الحق المعلوم، وكما أن الوقوع في المس من الشيطان بنصب السحر هو عقاب رباني مجتمعي لا يكون إلا في رحاب شيعة الكفر المجتمعي بما أخبر به وأملى به الله في القرآن وفي رحاب شيعة الإعتقاد المجتمعي بجدوى السحر في المقابل، فالوقوع في هذا النوع الآخر من المس من الشيطان هو كذلك له صفة العقاب على الكفر بما أخبر به الله في القرآن بشأن الجن الشياطين والذي ملخصه أنهم لا يستطيعون التجسد في عالمنا ولا لمس شيء من موجوداته ولا البطش بنا ولا الإضرار بنا عموما مباشرة. فوحده من يكفر بهذا الذي أخبر به الله وقبيله يتولد لديه الخوف منهم ويؤهل به ليقع في تلك المصائد وفي المس منهم تباعا.
------------------------------------
"الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله، وأولئك هم أولو الألباب"
صدق الله العظيم
الحجيج أبوخالد سليمان؛
الحجيج بالقرآن الإمام الحجة والغالب المنصور بالله تباعا في رحاب المحاججة والحجة والبرهان ضد كل الفقهاء و"العلماء" ومواليهم بشأن جل ما يبلغون به الناس على أنه من عند الله وهو في الأصل ليس من عند الله وإنما هو من عند الشيطان يناصره مناصرة عظيمة ليس لها مثيل.
------------------------------------
أنصروا الله لصالح أنفسكم وكل الناس ولا تناصروا الشيطان ضد الله وأنفسكم وكل الناس
.
