.
الذكر "وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله" هو في الأصل ينسف ما يدعيه الفقهاء و"العلماء"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ باسم الله الرحمان الرحيم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"واتبعوا ما تملي الشياطين على ملك سليمان، وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت، وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر، فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه، وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله، ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم، ولقد علموا لمن إشتراه ما له في الآخرة من خلاق، ولبئس ما شروا به أنفسهم، لو كانوا يعلمون 101" س. البقرة.
ـــــــــــــــــــ صدق الله العظيم ـــــــــــــــــــــ
تمهيد
من المحزن أيها القارئ من أهل القرآن أن نجد خلافا عظيما بين الفقهاء و"العلماء" حتى حول واقعية السحر الشيطاني والمس من الشيطان وأضراره أو عدمها رغم أن كل شيء هو مبين في القرآن الإمام المجيد. فأغلبهم قد أجمعوا على إنكار هذه الواقعية قولا أن السحر الشيطاني كان في زمن سيدنا سليمان عليه السلام وانتهى أمره في زمنه. وهم بذلك يوافقون رأي شريحة عريضة من المثقفين والمفكرين ومنهم أطباء علم النفس الذين ينكرونها بدورهم جلهم إن لم أقل كلهم. وكل من الطرفين ينعت المؤمنين بضد معتقدهم بأنهم جاهلون يؤمنون بالخرافات. ويشرحان حالات التلبس المعتقد بها على أنها مجرد حالات إنفصام الشخصية، ويشرحان وضع من يدعون أنهم مصابون بالمس من الشيطان على أن ذلك مجرد غطاء مراد به ستر فشلهم في الحياة الدنيا وضعفهم وهروب من الواقع والمواجهة.
وكما سبق إظهاره، من المفارقات أن نجد السند الدامغ حسب معتقد كل من الطرفين إياهما فيما ينكرانه ردا على من يعارضهما الرأي من الفقهاء و"العلماء" ورجال الدين غيرهم مستقى من القرآن الكريم كذلك. فمعلوم أنهم يستشهدون بقول الله في سورة طه "...، فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى 65"؛ وقد أظهرت عجاب قولهم بهذه "الحجة". ومعلوم كذلك أنهم حسب فهمه الخاص أيضا يستشهدون كذلك بقوله عز وجل في سورة البقرة "...، وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله، ...". وموضوع هذا المقال هو إظهار صحيح الفهم لهذا الذكر الكريم ونسف ل"حجتهم" هذه الأخرى المصنعة وتثبيت آخر لما ينفونه عجبا. وبطبيعة الحال مجموع ما تم إظهاره من الحجج الربانية هو ناسفها كفاية نسفا لا يرد؛ وما التالي تباعا إلا قيمة مضافة من البيان. وكذلك الحال بفهمهم الموضوع لهذا الذكر الكريم ضدا في فهمه المقروء بسند المعلوم القرآني هو يشكل لغزا آخر ومن نفس القبيل.
هو اللغز الواحد المتمثل في كونهم لا يرون ما هو موجود أمام أعينهم ويرون عوضه ما هو غير موجود !!!
ــــــــــ صحيح الفهم للذكر المعني هو مقروء ويثبته المعلوم ــــــــــ
ــــــــــ 1 ــــــــــ
والطرف الأول من الفهم الصحيح المقروء في رحاب المعلوم يقول:
*ــــــ أن النفي الوارد في قول الله "وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله" هو قطعا ليس نفيا مطلقا وإنما هو نفي معلق مشروط بوقوع الإذن من عند الله الذي ينسخه؛
*ــــــ أي أن الضرر من خلال قناة السحر والمتمثل ملخصه في التفريق بين المرء وزوجه هو يقع لما يقع الإذن من عند الله.
ويضاف إلى وضوح هذا الفهم المقروء الحجة المنطقية العقلانية التي تقول:
بطبيعة الحال ما كان الله الخبير ليعلق كينونة وقوع الضرر بوقوع الإذن من عنده لو أن نفيها هو مطلق.
*ــــــ فعجب عجاب إذا أن يقولوا بالنفي المطلق وهو في الأصل نفي نسبي معلق !!!
*ــــــ عجب عجاب أن يحذفوا من الذكر المعني حقيقة النفي النسبي المعلق الذي يثبت واقعية السحر الشيطاني وواقعية المس من الشيطان الذي يوقعه وواقعية الأضرار التي بإمكان الشياطين أن يلحقوها بالمصابين به، وأن يقولوا بعد حذفه بالنفي المطلق لإثبات صواب قولهم بعدم واقعية هذه الحقائق الثلاثة !!!
*ــــــ وعجب عجاب أن يفعلوا ذلك لاغين الكثير الآخر مما يعلمون بشأن موضوع إمتحان الحياة الدنيا في رحاب دين الله وموضوع سنة التخيير التي هي أساس كينونته وبدونها لا يحق القول بوجوده !!!
ــــــــــ 2 ــــــــــ
والطرف الثاني من الفهم الصحيح المقروء في رحاب المعلوم يقول:
1*ــــــ أن الإذن الرباني بوقوع التضرر من السحر وتبعاته هو صادر أصلا بالتقويم في شخص العلم بالسحر الذي أنزله الله إلى حياة الإمتحان وبلغ به الملكان الرسولان هاروت وماروت كما هو مذكور في الاية وذلك كتقويم من تقويم هذا الإمتحان الحق؛
2*ــــــ أن القول بوقوع الإذن الرباني تقويما يعني أنه لما يقع تفعيل تقويمه فهو يصير إذنا ربانيا واقعا كاملا، وشرط تفعيل تقويمه هو كذلك مبين في الآية وواضح مقروء ويتمثل في الثبات على الكفر وعلى الرغبة في خدمة إمام الكفر والشر إبليس الغرور الغبي الملعون.
ــــــــــ 3 ــــــــــ
والطرف الثالث من الفهم الصحيح المقروء في رحاب المعلوم يقول:
1*ــــــ أن الله وضمن تقويم إمتحان الحياة الدنيا وفي رحاب تمام التخيير الذي بدونه لا يكون الإمتحان:
1*ـــ قد خلق بالتقويم ما يهدي إلى سبيل الإيمان والإسلام والفلاح والخير والخيرات وضمنه تقويم الجزاء بنوعيه الجزاء الذاتي والجزاء الهبة التابع؛
2*ـــ وخلق بالتقويم ما يوقع في سبل الكفر والعصيان والضلال والشر والشرور وضمنه تقويم العقاب بنوعيه العقاب الذاتي والعقاب الهبة التابع؛
3*ـــ وفطرنا من حيث أصل خليقتنا نحن العباد الثقلين أجمعين على حب تفعيل التقويم الأول ونبذ تفعيل التقويم الثاني النقيض؛
4*ـــ وخيرنا تمام التخيير في تفعيل ما نشاء ممتحنين؛
5*ـــ وأبقى لنفسه سبحانه الرحمان الغفور الحكيم مجال التدخل المباشر للقضاء بما يشاء إستثناء ومن شأنه مثلا أن يمنع وقوع المقدر وقوعه بالسنن كمنع وقوع العبد من الثقلين في نصب السحر الغادر أو كمنع وقوعه في المس من الشيطان حتى بعد تجرعه أو كمنع وقوع شيء من الضرر له حتى وهو مصاب به؛
2*ــــــ وأنه لما يختار العبد تفعيل شيء من هذين التقويمين فهو يكون قد أوقع باختياره الإذن من عند الله بتلقي ما يعد ويبشر به عز وجل جزاء أو بتلقي ما يتوعد وينذر به سبحانه عقابا.
فإذا كل ما يقع هو بإذن الله من قبل ومن بعد؛ وكل ما قضى الله بكينونته فهو كائن ولا أحد يستطيع أن يرده.
ــــــــــ 4 ــــــــــ
والطرف الرابع من الفهم الصحيح المقروء في رحاب المعلوم يقول:
1*ــــــ أن الله وضمن الإمتحان قد جعل مسألة التبليغ بالذكر المنزل المخلص ومسألة الفلاح المجتمعي تباعا على عاتق الفرد والجماعة والمجتمع، وجعل بالتالي تحقيق غاية التحصن عموما من تبعات الكفر والغي مرهونا بمدى وفاء الفرد والجماعة والمجتمع في أمانة التبليغ، ومرهونا من قبل بمدى جودة الإسلام وجودة تدبر القرآن الإمام المنير الهادي في كل شيء؛
2*ــــــ وأن غاية التحصن من أضرار السحر الشيطاني هي فقط غاية جزئية ضمن هذه الغاية الجامعة الشاملة، وتحقيقها هو تباعا مرهون بنفس هذا الشرط الحق المركب؛
3*ــــــ وأن إزدهار سوق السحر وتعاطيه واتساع الباب للوقوع في نصبه والتضرر بتبعاته وعلى إختلاف أنواعها وضراواتها كل ذلك هو لا يقع إلى في رحاب الكفر المجتمعي بالمخبر به في القرآن وفي رحاب الخيانة المجتمعية في أمانة التبليغ، وهو تباعا عقاب رباني محصل ذاتيا ومستحق بالحق والإذن من عند الله بوقوعه وتلقيه هو واقع من قبل ومن بعد.
الحجيج أبوخالد سليمان؛
الحجيج بالقرآن الإمام الحجة والغالب المنصور بالله تباعا في رحاب المحاججة والحجة والبرهان ضد كل الفقهاء و"العلماء" ومواليهم بشأن جل ما يبلغون به الناس على أنه من عند الله وهو في الأصل ليس من عند الله وإنما هو من عند الشيطان يناصره مناصرة عظيمة ليس لها مثيل.
.